هكذا تمّ تهريب قانون استقلال القضاء العدلي: مخالفات دستورية مع الإصرار والتأكيد

وسام اللحام

02/08/2025

انشر المقال

أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري إقرار اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي في الجلسة التشريعية المنعقدة بتاريخ 31 تموز 2025 بعد إدخال تعديلات عليه أدّى بعضها إلى إبعاده عن الغاية المرجوة منه. لكن المشكلة لا تكمن فقط في مضمون تعديلات زجّت فيه في اللحظات الأخيرة من قبل رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان وحسب (وأخطرها تمكين النائب العامّ التمييزيّ إعطاء أوامر بكفّ التعقبات)، بل أيضا في الشوائب الدستوريّة الفادحة التي رافقت مسار إقراره في الجلسة التشريعية، والتي تشكل بحدّ ذاتها سببا وجيها لإبطاله في حال تم الطعن به أمام المجلس الدستوري. لذلك كان من الضروريّ تفنيد هذه المخالفات ومطالبة رئيس الجمهورية بممارسة صلاحيّاته الدستورية بردّ هذا القانون إلى مجلس النواب من أجل مناقشته من جديد، والدّفع بمعالجة الشوائب التي تعتريه إن كان لناحية الشكل أو المضمون.

مخالفة أصول التصويت المحددة في المادة 36 من الدستور 

من خلال متابعة المرصد البرلماني لوقائع الجلسة يتبين أن أصول التشريع المحددة في الدستور لم يتم احترامها، بل يمكن القول أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يأبه بها وتعمد مخالفتها.

تنصّ المادة 36 من الدستور على التالي: "تعطى الآراء بالتصويت الشفوي أو بطريقة القيام والجلوس إلا في الحالة التي يراد فيها الانتخاب فتعطى الآراء بطريقة الاقتراع السري· أما فيما يختص بالقوانين عموماً أو بالاقتراع على مسألة الثقة، فإن الآراء تعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال".

ولا شكّ أن هذه المادة بتحديدها طرق التصويت خلال ممارسة مجلس النواب لصلاحياته تكون قد أولت هذا الموضوع أهمية قصوى وربطته بطبيعة النظام البرلماني الذي ينتمي إليه النظام السياسي اللبناني كما هو مكرس في الفقرة "ج" من مقدمة الدستور التي تنص على أن "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية".

وتظهر هذه الأهمية في أنّ الدستور منذ إقراره سنة 1926 أصرّ على تحديد طرق التصويت في نصّ دستوري، بينما كان باستطاعته أن يترك هذا الأمر إلى النظام الداخلي لمجلس النواب كما كانت عليه الحال في الجمهورية الثالثة في فرنسا (1875-1940) التي جاءت قوانينها الدستورية خالية من تحديد كيفية التصويت.

ولا شك أن التصويت هو أهم مرحلة في العمل التشريعي كونه يؤدي إلى التعبير الديمقراطي عن إرادة مجلس النواب بوصفه ممثلًا للإرادة الشعبية التي تتجسد في النواب المنتخبين الذين يمثلون الأمة جمعاء عملًا بالمادة 27 من الدستور. فالهدف من التصويت بالمناداة بالأسماء وبصوت عالٍ هو احترام مبدأ علنيّة جلسات مجلس النوّاب المكرّس صراحةً في المادة 35 من الدستور كون عدم التمكن من معرفة تصويت كل نائب بمفرده سيؤدي إلى منع تكوين الأكثرية الدستورية المطلوبة لإقرار القوانين، كما إلى حرمان الناخبين من الاطّلاع على مواقف ممثليهم ومراقبتهم من أجل محاسبتهم في الانتخابات النيابية المقبلة.

وهذا ما يذهب إليه "أوجين بيار" الذي ربط صراحة بين التصويت ومبدأ العلنية، إذ اعتبر أن التصويت هو أهم عمل يقوم به مجلس النواب من أجل صناعة القانون، وبالتالي لا بد أن يجري التصويت بشكل علني أمام البلاد[1]. وفي المعنى نفسه يعتبر الفقيه "ليون دوغي" أن مجلس النواب يقوم بإقرار القوانين باسم الأمة ما يوجب معرفة هذه الأخيرة لجميع الآراء والمواقف التي جرى اتخاذها من قبل النواب خلال الجلسات[2].

وقد كرست المادة 81 من النظام الداخلي لمجلس النواب هذه المبادئ الدستورية إذ نصت على التالي:"يجري التصويت على مشاريع القوانين مادة مادة بطريقة رفع الأيدي. وبعد التصويت على المواد يطرح الموضوع بمجمله على التصويت بطريقة المناداة بالأسماء". وهكذا يصبح جليا أن التصويت النهائي على القانون، وهو التصويت الوحيد الذي يعبر دستوريا عن الإرادة التشريعية لمجلس النواب، لا يمكن أن يتم إلا عبر المناداة بالأسماء من أجل احترام مبدأ العلنية وتمكين كل نائب من ممارسة دوره بحرية.

وقد كرّس المجلس الدستوري جميع هذه المبادئ في قراره الشهير رقم 5 الصادر بتاريخ 22 أيلول 2017 والذي قضى بإبطال القانون المطعون به نظرّا لإقراره بطريقة رفع الأيدي من دون اعتماد آلية المناداة بالأسماء وهي الآلية التي تفرضها المادة 36 من الدستور بشكل لا يقبل أي تأويل إذ أعلن التالي:

"وبما أن الغاية من نص المادة 36 هي التصويت على مسألة الثقة، وعلى القوانين بشفافية تامة ليكون الشعب مطلعاً على ما يقوم به نوابه (...) وبما أن القاعدة التي نصت عليها المادة 36 هي جوهرية وليست شكلية ولا تقبل الاستثناء لورود تعبير دائماً في النص الدستوري الواردة فيه (...) وبما أن الفقه الدستوري مستقر على التقيد بهذه القاعدة في التصويت على القوانين، وبما أن التصويت العلني وبالمناداة بصوتٍ عالٍ ليس قاعدة شكلية بل شرط ضروري للمراقبة والمحاسبة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، وبما أنه لم يتبين من محضر الجلسة، التي أقر فيها القانون، أن الأصول الدستورية، المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور، قد روعيت في التصويت على القانون المطعون فيه، لذلك فإن الطريقة التي اعتمدت في إقرار القانون جاءت مخالفة للدستور ويقتضي بالتالي إبطاله".

وقد تبين من خلال مراقبة الجلسة أن رئيس مجلس النواب طرح القانون على التصويت عبر المناداة بالأسماء لكنه سارع إلى إعلان تصديق القانون بعد تلاوة عدد محدود من أسماء النواب من دون انتظار الحصول على جوابهم حتى، ما يعني أن هذه المناداة كانت شكلية وهي لا تعكس إطلاقا الهدف من المادة 36 من الدستور التي تقرن الإقرار النهائي للقانون باستفتاء رأي كل نائب بمفرده وبشكل علني.

وعلى الرغم من أن المحضر المكتوب للجلسة عند الانتهاء من إعداده قد لا يعكس حصول هذه المخالفة لأصول التشريع، لكن المجلس الدستوري عمد في قرار شهير له إلى مقارنة المحضر مع التسجيلات الصوتية لوقائع الجلسة التي حصل عليها المجلس من الأمانة العامة لمجلس النواب. وقد خلص المجلس الدستوري في قراره إلى إبطال القانون المطعون فيه إذ تبين له من التسجيل الصوتي أن المناداة بالأسماء اقتصرت على بعض النواب ومن " ثم سُمع صوت رئيس المجلس يقول: "صدّق" قطعاً للفوضى التي رافقت بدء عملية التصويت بالمناداة" ما يعني أن القانون أقرّ بشكل مخالف للدستور ما يوجب إبطاله برمته (قرار رقم 1 تاريخ 7 كانون الثاني 2025).

فالظروف التي رافقت إقرار قانون استقلالية القضاء العدلي هي مشابهة بالكامل للقانون الذي سبق وأن أبطله المجلس الدستوري في قراره المذكور، ما يعني أن أيّ مقارنة بين محضر الجلسة والتسجيلات الصوتية ستظهر فداحة المخالفة والاستهتار المتعمد بالمادة 36 التي وصفها المجلس الدستوري في القرار نفسه بأنها "مرتبطة جذرياً بطبيعة النظام الديمقراطي البرلماني الذي نص عليه الدستور".

عدم حصول القانون على الأكثرية

إن الشوائب الدستورية المتعلقة بقانون استقلالية القضاء العدلي لا تقتصر على كيفية إقراره لكنها أخطر بكثير إذ تنسحب على وجود القانون نفسه. فأي قانون يصبح مخالفا للدستور في حال جرى التصويت النهائي عليه بطريقة مخالفة للمناداة بالأسماء حتى لو حصل على الغالبية الساحقة من النواب. لكن القانون الحالي لم يحصل حتى على أكثرية النواب ما يعني أنه لم يقر فعليا. فالمناداة الشكلية التي اقتصرت على عدد قليل من النواب لا تعني فقط أن المناداة لم تحصل، لكنها تشير أيضا أن النص لم يحصل على موافقة أكثرية النواب الحاضرين. وبالتالي يمكن القول  أن القانون خالف ليس فقط مبدأ العلنية وضرورة التصويت على القوانين بالمناداة، لكنه خالف أيضًا المادة 34 التي تمنع إصدار القوانين التي لم يتمّ إقرارها من قبل أكثريّة النواب المشاركين في الجلسة.

وهكذا يتبين أن هذا القانون هو تزوير موصوف لإرادة السلطة التشريعية واعتداء على الشعب اللبناني الذي يمارس سيادته عبر المؤسسات الدستورية عملا بالفقرة "د" من مقدمة الدستور، لا سيما مجلس النواب من خلال احترام الأصول الدستورية التي ترعى عملية التشريع وعلى نحو يضمن مصداقية التصويت. فالقانون لم ينلْ الأكثرية الدستورية وهو بالتالي لم يحترم الأصول الديمقراطية التي يجب أن ترعى عمل البرلمان ما يجعله مخالفا أيضا للفقرة "ج" من مقدمة الدستور التي تنص على أن "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية"، إذ من بديهيات النظام البرلماني الديمقراطي حصول القوانين على أكثرية النواب من أجل إقرارها.

مخالفة مبدأ وضوح المناقشات البرلمانية

يتبين من الظروف التي أحاطت بإقرار قانون استقلالية القضاء العدلي أن مجلس النواب استهل مناقشة هذا القانون في جلسته الصباحية كي يعلن رئيس المجلس تأجيل البت بالموضوع إلى الجلسة المسائية من أجل إدخال تعديلات يتم التوافق عليها بين لجنة الإدارة والعدل ممثلة برئيسها النائب جورج عدوان ووزير العدل.

وبالفعل سيعلن النائب جورج عدوان في الجلسة المسائية أن لجنة الإدارة والعدل وافقت على إدخال مجموعة من التعديلات مقترحا دمجها بالنص الأصلي وإقرار القانون بمادة وحيدة. وفي ظل إصرار بعض النواب على معرفة تلك التعديلات، شرع النائب عدوان بقراءة ملخص عنها وبعبارات عامة مبهمة تحجب التفاصيل في أغلب الأحيان. فمثلا، عند حديثه عن تعديل إحدى مواد القانون (مادة 80)، صرّح عدوان أنه تمّ اختصار نصّ المادة دون المسّ بجوهرها (!!). وهكذا بشأن أغلب التعديلات الأخرى.

أخطر من ذلك، اكتفى عدوان بتلاوة بعض هذه التعديلات على النص الموزع على النواب دون استكمال ذلك، إذ سادت فوضى مريبة في الجلسة دفعت برئيس المجلس إلى طرح القانون على التصويت كما تم شرحه أعلاه وإعلان التصديق عليه بسرعة قياسية.

جراء ما تقدم، يصبح جليا أن النواب لم يكونوا على معرفة تامة بالنصوص التي دعِيوا للتصويت عليها ، لا سيما التعديلات التي هبطت فجأة من دون أي نقاش مسبق بشأنها. وعلى الرغم من أن النظام الداخلي لمجلس النواب يخلو من أي أحكام ترعى أصول اقتراح التعديلات خلال العملية التشريعية، وهو أمر خطير جدا عالجته المفكرة القانونية في الورقة البحثية حول النظام الداخلي وبينت مدى اعتباطية الممارسة السائدة اليوم في لبنان، لكن إعلان إقرار تعديلات لم تتم تلاوتها حرفيا أمام الهيئة العامة يشكل مخالفة دستورية واضحة تجعل من تلك النصوص معرضة للإبطال في حال تم الطعن بها.

فمجلس النواب يمارس سلطته التشريعية فقط من خلال التصويت الحرفي على مواد واضحة وكاملة، إذ حتى لو وافق هذا الأخير على فكرة معينة لكن مضمون هذه الفكرة لن يكون معبرا عن الارادة التشريعية للبرلمان إلا عند إقراره من ضمن صياغة حرفية واضحة في مواد قائمة بعينها. وبالتالي، لا يمكن اعتبار أن مجلس النواب أخذ علما بتلك التعديلات بمجرد قيام النائب جورج عدوان بقراءة ملخص عنها، لا سيما أنها لم تكن شاملة بل كانت أقرب إلى إعلان عن الهدف من كل تعديل من دون طرح الصيغة الحرفية النهائية للتعديل أمام الهيئة العامة.

لذلك يمكن القول بأن إقرار تلك التعديلات بهذه الطريقة يشكل مخالفة لا لبس فيها  "لمبدأ وضوح المناقشات البرلمانية ذي القيمة الدستورية لتعلّقه بمبدأ السيادة الشعبية المنصوص عليه في الفقرتين (ج) و(د) من مقدمة الدستور" (قرار المجلس الدستوري رقم 19 تاريخ 22 كانون الأول 2022). وقد خلص المجلس الدستوري في القرار نفسه إلى إبطال نص جرى ادخاله عبر تعديل مرتجل أمام النواب "الأمر الذي يشكل مخالفة لوضوح المناقشات أمام الهيئة العامة بما يتعلق بالتصديق على هذا التعديل بالذات، وخرقاً لمبدأ السيادة الشعبية المنصوص عليه في الفقرتين (ج) و(د) من الدستور". لا بل أن هذا التعديل اقتصر حينها على جملة بسيطة تتألف من أربع كلمات فقط، فكيف الحال بتعديلات مسهبة ومتشعبة جرى شرحها بشكل مجتزأ ما يعني أن مجلس النواب لم يطلع فعليا على النص الذي صوت عليه هذا في حال فرضنا أن القانون تم التصويت عليه أصولا.

ولا شك أن الطريقة العبثية التي تم بها التصويت تظهر بوضوح عبر إقرار القانون بمادة وحيدة ستنص عند نشر القانون في الجريدة الرسمية على أن مجلس النواب صدق مشروع القانون المرفق كما عدلته لجنة الإدارة والعدل والهيئة العامة، وهو زعم بان زيفه كما تمّ شرحه أعلاه.

ويخالف التصديق على القوانين بمادة وحيدة النظام الداخلي الذي يوجب التصويت على القوانين مادة مادة بطريقة رفع الأيدي قبل التصويت النهائي بالمناداة بالأسماء. لا بل أن النظام الداخلي ينص في المادة 86 منه على التالي:" يمكن التصويت على مشاريع القوانين التي تجيز إبرام المعاهدات والاتفاقات الدولية والاتفاقات المعقودة بين الدولة والمؤسسات دون طرح مواد هذه المعاهدات والاتفاقات مادة مادة"، ما يعني أن الاستثناء الوحيد الذي يقبل به النظام الداخلي لقاعدة التصويت على القوانين مادة مادة هو المتعلق بالقوانين التي تجيز إبرام المعاهدات الدولية.

 وعلى الرغم من أن مخالفة النظام الداخلي لا تشكل بالضرورة مخالفة للدستور لكن الاصرار على اقرار قانون بهذه الأهمية بطريقة متسرعة ومبهمة يشير إلى نية واضحة بتحوير كل قواعد النظام البرلماني إذ بدل أن يكون هدف هذه الأخيرة ضمان العمل الديمقراطي والعلني والشفاف لمجلس النواب يصبح هدفها الانقضاض على العمل النيابي وتحويل المؤسسات الدستورية إلى هياكل شكلية فارغة من أي مضمون حقيقي.

والأغرب من ذلك أن مخالفة أصول التشريع لناحية كيفية التصويت والتأكد من حصول القانون على الأكثرية المطلوبة باتت ظاهرة متكررة على الرغم من اعتراض العديد من النواب وقرارات المجلس الدستوري التي باتت دائما تعالج هذه المسائل نظرا للشوائب الشكلية التي ترافق الجلسات التشريعية. إذ أن مخالفة الدستور لم تعد مجرد تعبير عن عدم معرفة بالأصول الواجب اتباعها أو عن تقصير ظرفي، بل باتت نهجا قائما بذاته وأسلوبا متعمدا لا يأبه بأي مبادئ إذ ينحصر جل اهتمامه بالتسويات السلطوية بين الجهات المهيمنة على مجلس النواب والاستجابة للمطالب الخارجية ليس لأنها تعبر عن حاجة وطنية لكن للحفاظ على التوازن السياسي بين مختلف أطراف السلطة الحاكمة. 

في الخلاصة، يمكن القول أن قانون استقلالية القضاء العدلي لم يخضع فعليا لأي تصويت حقيقي إذ هو أقر بطريقة لا تحترم شروط المادة 36 من الدستور كما لم يحصل على الغالبية النيابية هذا علاوة على افتقار النقاشات التي رافقت التعديلات التي أدخلت عليه من أي وضوح ما يجعل من هذا القانون مسخا دستوريا واعتداء على سيادة الشعب اللبناني.


[1] «Sauf le cas de comité secret ordonné suivant les formes requises, il ne serait pas possible de soustraire à la publicité l'acte le plus essentiel de la confection des lois qui est le vote; cette opération solennelle doit s'accomplir devant le pays» (Eugène Pierre, Traité de droit politique, électoral et parlementaire, Supplément, Librairies-Imprimeries réunies, Paris, 1919, p.1388).

[2] «La publicité des séances (…) Cette règle est la conséquence même du principe représentatif et la condition indispensable pour le fonctionnement normal du système. Les chambres délibèrent au nom et pour le compte de la nation ; il faut donc que la nation tout entière connaisse l’objet et l’esprit de ces délibérations, non seulement les décisions prises, mais aussi les raisons qui les ont inspirées » (Léon Duguit, Traité de droit constitutionnel, Tome 4, Paris, 1924, p.337).