اقتراح قانون يشترط الإقامة للوصول إلى التعليم: تحويل المدرسة من فضاء للحماية إلى أداة للإقصاء
11/07/2025
تقدّم خمسة من نوّاب كتلة لبنان القوي (ادكار طرابلسي، جبران باسيل، سليم عون، شربل مارون، وسامر توما) في 16/6/2025 باقتراح قانون يرمي إلى "تنظيم تسجيل الطلاب الأجانب في المؤسّسات التعليمية اللبنانية". وينصّ هذا الاقتراح على "منع تسجيل أي طالب أجنبي في أي مؤسّسة تعليمية رسمية أو خاصّة على الأراضي اللبنانية، في كافة أنواع التعليم، بما فيها المدارس والمعاهد المهنية والجامعات، ما لم يكن حاملًا لإقامة قانونية سارية المفعول". وينصّ على منع أي "طالب أجنبي غير حاصل على إقامة سارية، التقدّم إلى أي مباراة أو امتحان رسمي تنظّمه أو تشرف عليه السلطات التعليمية اللبنانية".
ويضيف الاقتراح في مادته الثانية عقوبات على المؤسّسات المخالفة لهذا الحظر إذ ينصّ على "أنّه في حال مخالفة أحكام المادة الأولى، تُفرض على المؤسّسة التعليمية المخالِفة غرامة مالية تُحدّد قيمتها بقرار من القضاء المختصّ على أن لا تقلّ عن عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور عن كل مخالفة". وفي حال تكرار المخالفة "يجوز للقضاء أن يصدر قرارًا بسحب الترخيص الممنوح للمؤسّسة وملاحقة المسؤولين عنها جزائيًا". على أن تُعطى وكما ورد في المادة الثالثة من الاقتراح "مهلة انتقالية لمدة شهرين من تاريخ صدوره (القانون) للمؤسسات التعليمية للطلاب الأجانب لتسوية أوضاعهم القانونية".
وقد استندت الأسباب الموجبة للاقتراح على ربط الحق في التعليم بمفهوم السيادة الوطنية، والتخوّف من "تقويض النظام التربوي العام وتشجيع دخول غير المنظمين إلى الدورة التعليمية الرسمية والخاصة"، ما يستوجب "حماية النظام التربوي في لبنان ومنع تكريسه كأداة للهجرة غير المنظمة أو الوجود غير القانوني".
يستوجب هذا الاقتراح، في حال إقراره من قبل مجلس النوّاب، الملاحظات التالية سواء ما ذكر في المواد أو في الأسباب الموجبة.
أوّلًا: ملاحظات حول نصّ الاقتراح
-
إقصاء آلاف الأطفال من التعليم
سيكون لهذا الاقتراح في حال إقراره، عواقب عدّة على كلّ طفل غير لبناني مقيم على الأراضي اللبنانيّة غير حائز على إقامة، وضمنًا آلاف الطلاب السوريين لاسيّما أنّ هناك نحو 80% من اللاجئين السوريين في لبنان لا يحملون إقامة قانونية، وبالتالي إقصاؤهم من كلّ أشكال التعليم قانونيًّا. سيرفع عدد الأطفال خارج المدرسة وخارج أي شكل من أشكال التعليم في لبنان. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ هناك طفل من كل ثلاثة أطفال في لبنان، ممن هم في عمر الدراسة، خارج نظام التعليم أو يفتقر إلى فرصة للتعلّم حسب ما كان أعلن ممثل "اليونيسف" في لبنان أكيل أيار، بداية العام الحالي لمناسبة اليوم الدولي للتعليم. ويلحظ أنّ الاقتراح لم يستثن الأطفال المسجّلين لدى مفوّضية الأمم المتحدّة للاجئين (من السوريين أو من جنسيات أخرى).
وسوف ينطبق هذا الحظر المقترح أيضًا على أطفال العمّال المهاجرين وعاملات المنازل الذين ولدوا في لبنان، والذين غالبًا ما يواجهون صعوبات للحصول على إقامة، إذ لا يعترف الأمن العام تلقائيًا بحقّ العمّال من الفئات الثالثة والرابعة في منح الإقامات لأولادهم. كما يُخشى أن يطال أيضًا الأطفال مكتومي القيد في لبنان (والذين غالبًا ما يكونون من أصول لبنانية) في حال تم التوّسع في تفسير نطاق الحظر. ويُشار هنا إلى أنّه لا يوجد في لبنان أي نظام قانوني يرعى مكتومي القيد حاليًا، وهو مطلب أساسي وفقًا لجمعية "روّاد الحقوق" التي تعنى بحقوق عديمي الجنسية ويجب أن يترافق معه ضمان حقوق مكتومي القيد بدلًا من تضييقها.
ولن يتوقّف الأمر عند حرمان هؤلاء الأطفال من حق التعليم، بل يتخطّاه وحسب ما تذكر الخبيرة الدولية في حماية الأطفال زينة علّوش إلى فتح الباب أمام ظواهر خطيرة كالعمالة المبكرة والزواج القسري والتسرّب المدرسي، إعادة إنتاج التهميش الاجتماعي المتعمّد. كما سيكون له تأثير خاص على الفتيات اللواتي يواجهن مخاطر مضاعفة عند انقطاعهنّ عن التعليم بخاصّة في حالات النزوح واللجوء.
-
تعارض مع الاتفاقيات الدوليّة
إنّ ربط التعليم بوضع الإقامة لا يُعدّ مجرّد إجراء إداري، بل هو توجّه قانوني يحوّل المدرسة من فضاء للحماية والرعاية إلى أداة للإقصاء المؤسّسي، وهذا يتعارض بشكل مباشر وحسب ما تؤكّد علّوش، مع الاتفاقيات الدولية التي التزم بها لبنان، لاسيّما اتفاقية حقوق الطفل لعام 1991، التي تنصّ على الحق في التعليم لكلّ طفل من دون تمييز.
وفي السياق نفسه تقول سماح الخراز مديرة البرامج ومنها التعليمية في جمعية "سوا للتنمية والإغاثة" (تعنى بالتنمية ومن ضمنها تعليم اللاجئين)، إنّ التعليم ليس منّة ولا خيارًا سياسيًا، بل حقّ إنساني غير قابل للتفاوض وهذا ما أكّدت عليه المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك اتفاقية حقوق الطفل والهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (SDG 4).
ويضيف المحامي علي سويدان من فريق "المفكّرة القانونية" أنّ ربط الحق في التعليم بحيازة الطفل على وضع قانوني يتناقض مع التزامات لبنان الدستورية والدولية. فالدستور اللبناني والمواثيق الدولية تضمن حقّ كلّ شخص في التعليم، ومنها المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتؤّكد على عدم جواز التمييز على أساس الجنسية أو الوضع القانوني فيما يتعلّق بالحق في التعليم.
كما يحظر القانون اللبناني التمييز في التعليم بشكل خاص، لا سيما بموجب الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم التي انضمّ إليها لبنان بموجب القانون رقم 17/64 الصادر في تاريخ 19/2/1964 والتي تحظر حرمان أي شخص أو جماعة من الأشخاص من الالتحاق بأي نوع من أنواع التعليم في أي مرحلة، وتمنع إصدار أية أحكام تشريعية أو تعليمات إدارية وتوقف العمل بأية إجراءات إدارية تنطوي على تمييز في التعليم.
-
قوننة السياسات الإقصائيّة في التعليم
لا يمكن النظر إلى هذا الاقتراح بمعزل عن المسار التاريخي للقوانين المتعلّقة بالتعليم في لبنان حسب علّوش، إذ إنّ فهم هذا المسار يوصلنا إلى خلاصة مفادها أنّ هذا الاقتراح هو تطوّر خطير في مسار السياسات الإقصائية ويدفع إلى تحوّلها إلى أدوات قانونية تعمّق التمييز وتُشرعنه ولاسيّما أنّه يُحدّد "جميع أشكال التعليم".
فقد أقرّ لبنان القانون رقم 686 في 16 آذار 1998، الذي ينصّ على إلزامية ومجّانية التعليم الأساسي، إلّا أنّ هذا الحق حُصر صراحةً باللبنانيين من دون أن يشمل المقيمين على الأراضي اللبنانية.
وفي عام 2011، صدر القانون رقم 150 لتوسيع مفهوم التعليم الأساسي المجاني والإلزامي، لكنه أيضًا أبقاه محصورًا بالفئات اللبنانية. واستمرّ هذا النهج الإقصائي حتى صدور المرسوم رقم 9706 في 2022، والذي نصّ على حق كلّ طفل في التعليم من "دون تمييز أو تفرقة لأي سبب كان"، لكنه اشترط الإقامة القانونية ومبدأ المعاملة بالمثل، ما يعني أنّ الحق في التعليم لم يُعترف به بشكل مطلق، بل ظل مقيّدًا بظروف إدارية وقانونية. ليأتي اليوم هذا الاقتراح في محاولة لإحكام القيد على حقّ الوصول إلى التعليم بكافة أشكاله.
ثانيًا: ملاحظات حول الأسباب الموجبة
-
ربط الحق في التعليم بالسيادة الوطنيّة
ذكر الاقتراح في الأسباب الموجبة مفهوم "السيادة الوطنية وتنظيم الوجود الأجنبي في لبنان" كأحد "أولويات الدولة اللبنانية". ولكن ربط تعليم الأجانب في كافة أنواعه بشرط حصولهم على إقامة، لا يُمكن أبدًا أن يُبرّر بحجّة السيادة الوطنيّة، وما هو إلّا محاولة لتغطية "إجراءات تميزيّة" تحت عناوين وطنيّة حسب ما ترى مديرة مركز الدراسات اللبنانية مها شعيب المشرفة على العديد من الدراسات والأبحاث في مجال التعليم. وتذكر شعيب في اتصال مع "المفكرة" أنّ الدولة وتحديدًا وزارة التربية هي من اشترطت أن يكون تعليم السوريين في البداية في القطاع العام وأنّها تقاضت ملايين الدولارات من أجل تقديم هذه الخدمة التي لم تكن نتائجها جيّدة، والسيادة تكون بالعمل على إزالة الحواجز التي أعاقت تعليم الأجانب وليس بتثبيتها، معتبرة أنّ الخلل الأساسي كان بالخطط التي وضعت لتنظيم تعليم السوريين، بدءًا من قبول الدول المانحة اشتراط الدولة حيازة الطالب السوري إقامة مقابل حصوله على الحق في التعليم. وترى أنّ هذا الاقتراح ليس إلّا جزءًا من الضغوطات على اللاجئين السوريين، الملف الذي فشلت الدولة في التعاطي معه وذلك في وقت استقبل لبنان مؤخرًا ولا يزال، لاجئين جُدد لن يتمكّنوا أيضًا من تعليم أبنائهم.
وليس بعيدًا، ترى علوش أنّ السياسات التي تُبنى على حرمان الأطفال من التعليم لا تعبّر عن حماية للهوية أو السيادة، بل تعكس عجزًا عميقًا عن صياغة مستقبل عادل وشامل لكلّ من يعيش على هذا الأرض، بغض النظر عن جنسيته أو أوراقه، مُشدّدة على أنّ السيادة الوطنية "لا تُبنى عبر التمييز ضدّ الفئات الأكثر هشاشة، بل من خلال حماية الحقوق الأساسية للجميع، من دون استثناء أو قيد. أمّا الإصرار على سنّ تشريعات تقنن الإقصاء، فهو انعكاس لعجز أخلاقي وسياسي في آنٍ واحد".
في هذا الإطار، لا يمكن، حسب علّوش، رفع المسؤولية عن الجهات المانحة. فوفقًا للمعايير الدولية للمساعدات الإنسانية، وعلى رأسها مبدأ "عدم الإضرار" (Do No Harm)، تلتزم هذه الجهات بضمان ألّا يُستخدم تمويلها لتعميق التهميش أو لإعادة إنتاج الانتهاكات، سواء عن قصد أو نتيجة لتقاعس في المساءلة. كما أنّ التزاماتها الأخلاقية والحقوقية تتطلّب أن تتجاوز مجرّد التمويل، لتنتقل إلى تبنّي مواقف سياسية واضحة ضدّ السياسات التمييزية، وربط دعمها بإصلاحات هيكلية فعلية تضمن الوصول الشامل والعادل إلى التعليم.
-
الاستثناءات والتقدم للامتحانات الرسمية
وقد استندت الأسباب الموجبة لهذا الاقتراح أيضًا إلى صدور المرسوم رقم 131 في 9/04/2025 الذي اعتبر مقدمو الاقتراح أنّه "أتاح للتلاميذ الأجانب غير الحائزين على إقامة أو أوراق أمم الترشح لصف التاسع أساسي ونيل إفادة رسمية من الوزارة دون أي شرط يربط الإفادة بوجود إقامة شرعية" مع ذكر أنّ "هذه الإفادة تكسب حاملها "الحقوق كافة" الناتجة عنها ممّا يشكل تجاوزًا لقرارات سابقة صادرة عن مجلس الوزراء كانت اشترطت الإقامة للتسجيل". وأضافت أنّ قرار مجلس الوزراء رقم 21 تاريخ 14/5/2025 "كرّس هذا التوجّه في الشهادة الثانوية مكتفيًا بشرط إبراز الإقامة عند تسلم الشهادة" وأنّ "التجارب السابقة أثبتت أنّه يتمّ لاحقًا تجاوز شرط الإقامة وتسلّم الشهادات تحت ذرائع 'إنسانية' مما يفرّغ القرار من مضمونه" ما "فتح المجال أمام المدارس الخاصة لتسجيل التلامذة من دون إقامة".
وهنا لا بدّ من ذكر أنّ المرسوم 131/2025 وهو متعلّق بـ "إعفاء وزارة التربية من إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة الرسمية للعام 2025 لتلامذة الصف الأساسي التاسع المسجلين في المدارس" لم يذكر أي شيء عن الطلاب الأجانب. واكتفى بشروط متابعة الدراسة فقط بأن يكون "مسجّلًا في الصف التاسع خلال العام 2024/2025" وأن "يجتاز الامتحانات المدرسيّة" وأن "يتم التثبّت من انتظام تسلسل دراسته حتى الصف التاسع"، فيكون قد شمل المسجلين من دون إقامة في هذا الصف ومنهم السوريون.
إلّا أنّ هذا الأمر ليس استثناءً إذ إنّه جرت العادة أن يتسجّل الطلاب في الصف التاسع من دون أن يحقّ لهم التقديم للامتحان الرسمي قبل حيازة الإقامة، وجرت العادة أيضًا أن تجتمع الحكومة قبل أسبوع أو أسبوعين من موعد الامتحانات وتُقرّر إعفاءهم من الإقامة كشرط للتقدّم للامتحان. ويُعطى طلاب الشهادات في الصف التاسع من السوريين غير الحائزين على إقامة إفادة وليس شهادة، تمامًا كالإفادة المذكورة في المرسوم، أي أنّ هذا المرسوم لم يعط أي مكتسبات إضافيّة.
وعلى الرغم مّما ذكرناه من الاستثناءات المتكرّرة التي سمحت بتقديم الأجانب امتحانات الصف التاسع من دون اشتراط الإقامة، يبقى الأهم النتائج الفعليّة على أرض الواقع كما تقول شعيب إذ أنّه وبسبب عدم نجاح خطّة تعليم السوريين وبسبب اشتراط الإقامة للامتحانات الرسمية (وإن كان يتمّ الإعفاء في اللحظات الأخيرة)، كانت نسب من يصل إلى الصف التاسع أصلًا ضئيلة جدًّا. وفي العام 2019 على سبيل المثال، أي قبل جائحة الكورونا والأزمة الاقتصادية، لم تتجاوز نسبة من وصل إلى الصف التاسع من التلامذة السوريين، 1% إذا ما احتسبناها من 500 ألف طفل في عمر الدراسة، وحاليًا لا توجد أرقام حول نسب من يصل إلى الصف التاسع، ولكن وزارة التربية تقدّر أنّ 4% من الطلاب السوريين يصلون إلى المرحلة الثانوية.
ويُشار هنا إلى أنّ وزارة التربية تشدّدت العام الماضي في موضوع استقبال الطلّاب الأجانب غير الحائزين على إقامة التزامًا ب قرار مجلس الوزراء (17 أيلول 2024) ، فتراجعت أعداد السوريين المنتظمين في التعليم الرسمي وتراجعت موارد هذه المدارس أيضًا. وبيّنت دراسة نشرها مركز الدراسات اللبنانية للباحث في التربية نعمة نعمة حول "تطوّر الالتحاق في المدارس والمعاهد والجامعات الرسمية والخاصة في لبنان بين الأعوام 2011 و2025"، أنّ قرار مجلس الوزراء (17 أيلول 2024) في العام الدراسي الماضي بعدم تسجيل من لا يحملون إقامات، خفّض أعداد الملتحقين من اللاجئين في دوام بعد الظهر من 155 ألف تلميذ إلى ما يُقارب 80 ألف تلميذ، ما يعني خسارة نصف الموارد المالية التشغيلية، على أقل تقدير، في غالبية المدارس الرسمية التي تقدّم تعليمًا للاجئين.
أمّا في ما خصّ التحوّل الذي حصل لجهة انتقال الطلّاب السوريين من التعليم العام إلى المدارس الخاصّة فقد بدأ وحسب شعيب مع قرار الدول المانحة تغيير آليّة تمويل تعليم اللاجئين (2022) لأسباب تتعلّق بالشفافيّة وسوء الإدارة والقدرة على وصول لأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، فتمّ استحداث الصندوق الائتماني للنهوض بالتعليم TREF الذي عمل على توسعة شبكة المستفيدين من الأطفال اللاجئين من خلال الجمعيات المدنية عبر إلحاق أعداد كبيرة بالتعليم الخاص غير المجاني.
-
تقويض النظام التربوي وتكريسه كأداة للهجرة
وذكر الاقتراح في الأسباب الموجبة أنّ كلّ السياسات (التي ذكرا سابقًا) ستؤدّي "حتمًا إلى تقويض النظام التربوي العام وتشجيع دخول غير المنظمين إلى الدورة التعليمية الرسمية والخاصة"، وبعدها ذكر أنّ "عددًّا من التلامذة السوريين قد لجأ هذا العام الى التعليم غير النظامي الذي تديره جمعيات بالتنسيق مع الوزارة" وأنّ هؤلاء "مرشحون لاحقًا للحصول على إفادات مدرسية لتبرير "التسلسل الدراسي" ما يكرّس سياسة الأمر الواقع ويؤدي إلى تحويل المؤسسات التعليمية إلى منصات تسوية غير قانونية دون أي تشريع أو رقابة أو ضبط" ما يستوجب هذا الاقتراح حتّى "من منطلق حماية النظام التربوي في لبنان ومنع تكريسه كأداة للهجرة غير المنظمة أو الوجود غير القانوني ومن منطلق الحفاظ على المستوى التربوي في لبنان".
وفي هذا الإطار تشرح الخراز أنّ اللجوء إلى التعليم غير النظامي ليس أمرًا استجدّ مؤخرًا، إذ كان ضمن برنامج "رايس" RACE الذي استُحدث على أساسه دوام مسائي في المدارس الحكومية خُصّص للاجئين (استمر من الـ 2014 إلى 2021)، ومنها برنامج ALP أو "التعليم المكثّف" الذي كان يهدف إلى إعطاء التلميذ المنقطع عن الدراسة منهجًا مركّزًا في المواد الأساسية (اللغة الأجنبية، اللغة العربية، الحساب والعلوم) للالتحاق في الصف المناسب لسنّه. إلّا أنّ هذه البرامج توقّفت مع انتهاء "رايس"، وحاليًا التعليم غير النظامي وهو بإدارة وإشراف وزارة التربية لا يُعطي أي وثيقة تخوّل الطالب قانونيًّا الالتحاق بالتعليم النظامي.
وتسأل كيف يمكن لهذه الإفادة التي لا تسهّل حتّى إكمال الدراسة، أن تحوّل "المؤسسات التعليمية إلى منصّات تسوية غير قانونية" كما ورد في الأسباب الموجبة للاقتراح أو كيف يُمكنها أن تُساهم في تكريس النظام التربوي "كأداة للهجرة غير المنظمة أو الوجود غير القانوني".
الأمر نفسه تؤكّد عليه شعيب مُشدّدة على أنّ التحاق الطلّاب بالتعليم سواء نظامي أو غير نظامي لا يُعطيهم بأي شكل من الأشكال أيّ تسوية لأوضاعهم وأنّ الربط بين الأمرين لا يرتكز على أيّ تبرير، فالأطفال الفلسطينيون على سبيل المثال يلتحقون بالتعليم ولا يعطيهم هذا الأمر أي حقوق أخرى.
كما تستغرب شعيب الربط في الأسباب الموجبة بين "الحفاظ على المستوى التربوي في لبنان" واشتراط الإقامة معتبرة أنّ هناك عشرات الأسباب التي قوّضت المستوى التربوي منها أوضاع الأساتذة الاقتصادية وضعف الرقابة على المدارس الخاصة والتسرّب المدرسي، وبالعكس تمامًا الحفاظ على حق التعليم للجميع هو من الأساسيّات المطلوبة للحفاظ على التربية وليس الإقصاء، مذكّرة أنّ الأموال التي حصل عليها لبنان بهدف تعليم اللاجئين كان منها جزء مخصّصًا لتحسين المدارس ومستوى التعليم ولم يُستفد منها بالشكل المطلوب.