إعادة إعمار الأبنية ووضع السيّارات المتضررة: اقتراحات متكرّرة لإحياء قوانين 2006 كما هي
13/03/2025
قدّم النائبان فادي علامة وبلال عبدالله بتاريخ 16 كانون الأول 2024 اقتراحي قانون مشتركين، يرمي الأوّل إلى إعادة العمل بالقانون رقم 263 الصادر سنة 2014 المعنون "إعادة إعمار الأبنية المتهدمة بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006"، وذلك من خلال تعديل المادة الرابعة من القانون من أجل أن تمتدّ مفاعيله إلى العدوان الذي بدأ على لبنان في 8 تشرين الثاني 2023، بينما الاقتراح الثاني يستعيد نصّ القانون رقم 206 الصادر سنة 2020 والمتعلّق بإعفاء السيّارات التي أصبحت خارج الخدمة نتيجة للعدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006، فينقله بحرفيّته مع تغيير الفترة التي يعالجها كي يشمل العدوان الذي بدأ في 8 تشرين الأول 2023.
تنص الأسباب الموجبة للاقتراح المتعلّق ب"إعادة إعمار الأبنية المتهدّمة بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان" على أنّ هذه العمليّة تحتاج إلى إطار قانوني "لا يخالف النظام العام ويوفّق بين المصلحة العامّة وإعادة الأبنية إلى حالتها السابقة من دون أن يؤدّي ذلك إلى الاعتداء على الأملاك العامّة". وتذكر الأسباب الموجبة القانون الصادر في سنة 2014 (المذكور آنفًا) والذي عالج مسألة إعادة البناء جرّاء عدوان 2006 فتنصّ على تعديل المادة الرابعة منه من أجل أن تطبّق أحكام هذا القانون على العدوان الحالي، وذلك بهدف "أن تكون عمليّة إعادة البناء معفاة من كافة الرسوم والغرامات والطوابع الماليّة المتوجبة قانونًا بما فيها رسوم الإنشاءات ورسوم نقابتي المهندسين".
أمّا الأسباب الموجبة باقتراح "إعفاء السيارات التي أصبحت خارج الخدمة نتيجة للعدوان الإسرائيلي على لبنان" فتعتبر أنّ "تخلّف عدد من المواطنين عن إبلاغ وزارة الداخلية، هيئة إدارة السير والمركبات الآلية بهذه الواقعة يمنعهم من تسجيلها بصفة أنقاض ما يؤدّي إلى تراكم الرسوم السنويّة" ما يؤدّي إلى ضرورة تطبيق أحكام مشابهة لتلك التي اتبعت بعد عدوان 2006.
إنّ هذين الاقتراحين يستدعيان الملاحظات التالية:
استعادة لاقتراح النائبة بولا يعقوبيان من دون الأخذ بملاحظات المفكرة القانونيّة
يأتي هذان الاقتراحان ليستعيدا اقتراحًا كانت قد تقدّمت به النائبة بولا يعقوبيان بتاريخ 13 شباط 2024 كان قد سبق وأن عالج المسألتين معا إذ نصّ على أن يتمّ إعادة العمل بالقانون الصادر سنة 2014 المتعلّق بإعادة إعمار الأبنية المتهدّمة بفعل العدوان عام 2006 (وهذا ما قام به الاقتراح الحالي ولكن بطريقة مختلفة وذلك من خلال تعديل المادة الرابعة من القانون)، كما أنّه استعاد نصّ القانون رقم 206 الصادر سنة 2020 بشأن السيّارات المتضررة.
لكن اقتراح النائبة يعقوبيان القديم شابته نواقص كانت المفكّرة القانونيّة قد أشارت إليها بالتفصيل في مقال خاصّ، إذ ركز على الأضرار المنحصرة في المركبات والأبنية المهدمة ولم يتناول الأضرار الكبيرة التي لحقتْ بالأراضي والمحاصيل الزراعية والمنشآت الصناعية. بالاضافة إلى أنّ الاقتراح عالج مسألة الأضرار الناجمة عن العدوان الإسرائيلي دون أن يتطرّق إلى كوارث أخرى طبيعيّة مثلًا كتلك الناجمة عن أفعال عدوانيّة من دول أخرى ما يؤدّي إلى التمييز بين أوضاع قانونية مشابهة الأمر الذي قد يجعله مشوبا بعيب مخالفة الدستور لأنه ينصّ على أحكام استثنائية سيستفيد منها البعض بينما يحرم منها البعض الأخر كون الأضرار لم تنجم عن عدوانٍ شنّته إسرائيل.
وعقب تعليق المفكرة القانونية، تقدّمت النائبة يعقوبيان من جديد باقتراحٍ ثانٍ أكثر شموليّة وذلك بتاريخ 26 آذار 2024، حيث تطرّق بالإضافة إلى إعادة الإعمار والسيّارات المتضررة إلى مواضيع مختلفة نذكر منها ضريبة الدخل ورسم الانتقال، كما شمل الاقتراح أحكامًا وإعفاءات من "شأنها تشجيع الأشخاص وحثّهم على تقديم الهبات والمساعدات والتبرعات لمساعدة المتضررين أو تعويض الأضرار الناتجة عن الاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان". بالإضافة إلى ذلك تضمّن الاقتراح "إعفاءات من الضرائب والرسوم بغية إعادة إعمار وترميم ودعم المؤسسات الصناعيّة المتضررة والمتهدّمة بفعل الاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان".
إلّا أنّ الاقتراحين الحاليين المقدّمين من النائبين فادي علامة وبلال عبدالله قد أهملا التوسّع في معالجة تداعيات العدوان الإسرائيلي كافة بل اقتصرت مبادرتاهما على موضوع إعادة الإعمار وموضوع السيارات المتضررة من دون الاستفادة من التفاصيل الإضافية التي جاءت في اقتراح النائبة يعقوبيان الثاني. لذلك تكتفي المفكرة القانونية بالإحالة إلى تعليقها السابق على الاقتراح الأول للنائبة يعقوبيان الذي تمت استعادته بشكل شبه حرفي في الاقتراحين المذكورين من أجل مناقشة المضمون والشوائب التي تعتريهما.
إشكاليات في الفترة الزمنية الواجب خلالها تطبيق الاقتراحين
من جهة ثانية، لا بد من إبداء بعض الملاحظات حول الفترة الزمنية المشمولة في الاقتراحين كون هذا الأمر هو التعديل الوحيد الذي تم إدخاله على الاقتراحات السابقة.
بالنسبة إلى اقتراح إعادة الإعمار، تطبّق أحكامه "بمفعول رجعي يعود إلى 8 تشرين الأول 2023 على الأبنية المتهدمة من العدوان الإسرائيلي والتي أعيد بناؤها قبل أو بعد صدور هذا القانون". ويحمل هذا النص التباسًا حول فترة العدوان التي يُعرف متى تبدأ لكن لا يعرف متى تنتهي. فهل يقصد الاقتراح أن فترة العدوان انتهت وهو يعتبر ضمنيا أن دخول ترتيبات "اتفاق وقف اطلاق النار" حيز التنفيذ هي النهاية الزمنية للعدوان أم أنه يعتبر أن العدوان مستمر كون إسرائيل تستمر بشن هجمات على مختلف المناطق اللبنانية حتى اليوم من دون وجود أي أفق زمني لوقف عدوانها في المستقبل القريب؟
أمّا الاقتراح الثاني المتعلّق بالسيارات المتضررة فإنه يشير في مادته الثانية إلى العمل به "لمدة ستة أشهر من تاريخ إقرار المعايير والقواعد المنصوص عليها في المادة الأولى"، أي تلك التي على وزارة الداخلية والبلديات أن تضعها لتصنيف السيارات المتضررة. إلّا أنّ الاقتراح لم يحدد مهلة ملزمة لوزارة الداخلية والبلديات لوضع هذه التصانيف، بالإضافة إلى أنّ هذه المهلة المحدودة قد لا تشمل السيارات التي ستتضرّر جرّاء أي قصف إسرائيلي لاحق لمهلة الستة أشهر، على عكس اقتراح إعادة الإعمار الذي قد يفسّر على أنّه يتضمّن مهلة مفتوحة، ما يعني أن العدوان الإسرائيلي قد يستمر ويؤدي إلى تدمير سيارات إضافية من دون أن يستفيد أصحاب هذه السيارات من أحكام القانون عند انصرام المهلة.
في حوار أجراه المرصد البرلماني مع النائب فادي علامة، أشار مقدّم الاقتراح إلى أنّه لم يطّلع على اقتراحات النائبة بولا يعقوبيان لا سيّما الاقتراح الأوّل المشابه تمامًا لاقتراحيه بل أنّ مبادرته التشريعيّة مستقلّة تمامًا وأنّه يترك لأمانة سرّ المجلس واللجان ضمّ الاقتراحات المشابهة عند درسها. أمّا بخصوص إشارة المرصد إلى عدم وضوح تاريخ انتهاء العدوان الإسرائيلي وما يستتبعه على مضمون الاقتراح، فقد اعتبر النائب علامة أنّ مبادرته التشريعيّة تحمل الإطار العام للقانون فيما يترك للجان أو الوزارة المشار إليها في الاقتراح (وزارة الداخلية والبلديات بشأن السيارات المتضررة) للمساهمة في تحديد الأطر الزمنية.