نواب يقدمون اقتراح قانون لإلغاء عقوبة الإعدام في لبنان: ثمرة أولى لزيارة المقرر الخاصّ بالحقّ بالحياة

لين أيوب

15/10/2025

انشر المقال

في 7/10/2025، تم تسجيل اقتراح قانون يرمي إلى إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان، وهو اقتراح قانون موقع من النواب الياس حنكش واسامة سعد وبوليت يعقوبيان وجورج عقيص وفيصل الصايغ وحليمة القعقور وميشال الدويهي. وفي التفاصيل، ينصّ الاقتراح على إلغاء عقوبة الإعدام أينما وردتْ في القوانين اللبنانية، ولا سيّما في قانون العقوبات، واستبدالها بالعقوبة القصوى التالية لها. ويستفيد المحكومون بالإعدام قبل صدور هذا القانون من مفاعيله، مع إمكانية تطبيق أحكام قانون تنفيذ العقوبات وتعديلاته عليهم.

وإذ يتضح من الاقتراح أنه تم إعداده وتوقيعه من قبل عدد من النواب منذ 2023 (وهذا ما أكّدته النائبة حليمة القعقور للمرصد البرلماني)، يعتقد أن تسجيله في هذا التوقيت تم تبعًا لزيارة المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية موريس تيدبال-بينز، الأخيرة إلى لبنان، وبالأخصّ بعد لقائه مع لجنة حقوق الإنسان النيابية في 1/10/2025. 

وكان المقرر في تقريره الأوّلي حول الزيارة، أشار بشكل خاص إلى أنّه وفي حين يشهد لبنان وقفًا فعليًا لتنفيذ أحكام الإعدام منذ عام 2004، إلّا أنّ وقف التنفيذ غير مُكرّس في القانون، وتبقى عقوبة الإعدام عقوبة مشروعة. ولا تزال المحاكم قادرة على إصدار أحكام بالإعدام في مجموعة من الجرائم، بما في ذلك الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى "أخطر الجرائم" كما يقتضيها نصّ المادة 6(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويُوجد حاليًا 84 شخصًا على قائمة المحكومين بالإعدام في لبنان. إنّ غياب إلغاء رسمي أو حظر تشريعي لهذه العقوبة يترك الباب مفتوحًا لاستئناف تنفيذ الإعدامات، ولا سيما استجابةً للضغوط الشعبية أو التحوّلات السياسية. 

وقد أكّد المقرّر الخاص في التوصيات الختامية للتقرير المذكور على ضرورة تحويل وقف تنفيذ أحكام الإعدام الفعليّ المعمول به منذ عام 2004 إلى إلغاء قانونيّ رسميّ لعقوبة الإعدام في لبنان، انسجامًا مع الاتجاه العالمي نحو القضاء على هذه الممارسة في جميع أنحاء العالم. 

وقد استندت الأسباب الموجبة للاقتراح إلى عدد من الاعتبارات، منها وجوب "أنسنة العقوبات" انطلاقا من مسؤولية حضاريّة لتقدّم الأُمم. وبالتفاصيل، ركزت الأسباب الموجبة على المعطيات الآتية: 

  • انضمام لبنان أمميًّا إلى الدول المناهضة للإعدام، بعد توقيعه في الأمم المتحدة على القرار رقم 194/62 الصادر عام 2007 حول "وقف تنفيذ أحكام الإعدام"، وتصويته ثلاث مرّات متتالية لصالح هذا القرار في العام 2020 والعام 2022 والعام 2024، ما يعكس إرادة واضحة باتجاه رفض حكم الإعدام.
  • مرور 21 سنة من دون تنفيذ أيّ إعدام (2025-2004)، ما يعكس أنّ لبنان الرسمي وعلى مرّ عهود مختلفة، ورغم الظروف العامّة القاهرة، أظهر التزامًا متواصلاً بعدم اللجوء إلى تنفيذ أحكام إعدام. وهذا ما يجعل لبنان من البلدان اللاغية لحكم الإعدام في الواقع وفق المعايير الدوليّة، كونه لم ينفذ أي إعدام منذ أكثر من عشر سنوات متواصلة.
  • إلغاء القانون 94/302 المعروف بقانون "القاتل" في العام 2001، وقد تحقّق ذلك بتصويت لافت في المجلس النيابي (94%)، ما شكّل بداية المسار القانوني لمناهضة عقوبة الإعدام، تلتها منذ العام 2004 إرادة مستمرة بعدم تنفيذ أحكام الإعدام لغاية تاريخه. بالتالي، بات التوجّه في لبنان يعكس موقفًا مستدامًا لإعادة النظر في هذه العقوبة.

فضلا عن ذلك، نصّت الأسباب الموجبة على موجبات أخرى، منها أنّ لبنان عضو مؤسِس في منظومة حقوق الإنسان وعدد من الصكوك والاتفاقيّات العالميّة والإقليميّة التي تساند الحقّ في الحياة كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي بات جزءًا لا يتجزأ من مقدّمة الدستور اللبناني الجديد، وبالتالي مُلزم للبنان. إضافة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، وبالأخصّ البروتوكول الاختياري الثاني الملحق به حول إلغاء عقوبة الإعدام (وتجدر الإشارة إلى أنّ لبنان لم يبرم هذا البروتوكول حتى الآن)، واتفاقيّة حقوق الطفل والميثاق العربي لحقوق الإنسان وسواها. 

ويضاف إلى كلّ ما تقدم ضرورة معالجة أسباب الجريمة أوّلاً عبر تطوير سياسة الوقاية المسبقة للحدّ من الجرائم، بعد أن تبيّن أنّ لا علاقة بين تطبيق الإعدام وردع الجريمة. وهذا ما اختبره لبنان فعليًّا حسبما جاء في ألأسباب الموجبة، حين جرى إعدام 14 شخصًا خلال 4 سنوات (1998-1994) بحجّة التشدّد بعد الحرب، والنتيجة كانت أنّ الجرائم استمرّت وعقوبة الإعدام لم تكن لا الرادع ولا الحلّ.